• تقديم .
• لماذا تدريس اللغة الأمازيغية والتدريس بها؟
• الكفايات العامة و المنطلقات الفلسفية لإدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية .
• من أجل مدرسة وطنية لا مدرسة مخزنية .
• دور اللغة الأم في العمل التربوي .
• الكتاب المدرسي الأمازيغي .
• خاتمة .
يان : التقديم :
يعتبر قطاع التعليم والتربية من ابرز القطاعات ان لم اقل اساسها واهمها التي ترتكز عليه تنمية وتقدم كل بلد وكذلك ازدهار وتطوره ، فكلما اهتمت الدولة بهذا القطاع واعطته كل العناية الكافية واللازمة كلما تحقق الانتعاش والتطور المنشودين ، الا ان حال تعليمنا حاليا مازال لم يتخذ المسار الصحيح حيث مازال يعاني من ازمات متتالية كانت منذ الوهلة الأولى والتي وضعت فيها الاهداف والغايات الأساسية أي منذ فجر الاستقلال ، فإذا كانت الأهداف الأربعة السابقة قد تحقق منها ما تحقق وفشل منها من فشل فان اليوم اصبح من الضروري بماكان ان يعاد النظر في السياسة التعليمية برمتها وبالتالي الاهتمام بشكل تطبيقي وفعلي لميدان التربية ، ذلك الميدان الذي يفبرك الانسان المغربي بصفة عامة , ذلك الانسان الذي ينتظر منه ان يعمل على الرقي بهذا الوطن العزيز الى الأمام وبالتالي منافسة الدول الاخرى في زمن اصبح فيه التنافس ضروري من اجل اثبات الوجود ، و لأن النظام التعليمي الذي أقامه الاستعمار وكذلك النظام التعليمي السائد بعد الاستقلال أصبحا لا يتلاءمان مع متطلبات المغرب المعاصر والمنفتح على العالم ، و في هذا الإطار جاء الميثاق الوطني للتربية والتكوين من أجل تدارك الموقف والسعي الى تجاوز كل المنزلقات والمشاكل التي يتخبط منها التعليم المغربي ، فكانت العشرية للتعبئة الوطنية . لكن رغم كل ذلك فلا يمكن لنا خلال عشر سنوات أو أكثر التغلب على مخلفات أزيد من أربعين سنة من التربية اللاوطنية التي نهجتها الحكومات السابقة داخل المدرسة المغربية ، وكون الرغبة الفعلية للإصلاح مازالت لم تنضج بشكل جيد رغم كل التصاريح وكل ما صدر من قرارات سياسية فوقية ، فكيف يمكن لنا أجرأة ما هو فوقي في النسق الاجتماعي والتربوي في الوقت الذي لم يتم إشراك الفاعلين التربويين في بناء وإعداد كل مشروع إصلاح مرتقب وبالتالي لضمان مشاركة الجميع في التنفيذ والتعبئة ، وليس أن ينزل كاملاءات من الأعلى . و كجديد جاء في الإصلاح المقدم في الميثاق تم التطرق إلى تدريس الامازيغية في المدرسة المغربية بشكل محتشم ، وكمهتم بالقضية الامازيغية وكباحث في المجال التربوي ، أود أن أدلي بدلوي في هذا المجال وذلك لإبراز بعض الأمور حول دمج أو إدماج الأمازيغية داخل المنظومة التربوية المغربية . فلماذا إذن تدريس الأمازيغية ؟ وما هي مرجعيتها التاريخية ؟ وما المرتكزات الفلسفية المعتمدة ؟ وماذا عن هوية المدرسة المغربية والسبل الكفيلة لجعلها مدرسة وطنية في خدمة الإنسانية بشكل فعلي ؟ ثم ماهي الوسائل المعتمدة كوسائط ديداكتيكية لتحقيق دمج أو إدماج الأمازيغية في النسيج التعليمي المغربي ؟
سين : لماذا تدريس الأمازيغية والتدريس بها ؟
إذا ما عدنا إلى هذا السؤال والذي نسمعه كثيرا في الشارع وفي أوساط الأطر التربوية وكذلك عند الآباء والأمهات ، فإننا فعلا أمام سؤال جوهري يمكننا من فهم ماذا نريد من الأمازيغية عندما تلج أبواب المدرسة المغربية . لكننا فعلا ربما لم نحدد إجابة دقيقة لهذا السؤال عندما كنا بصدد تدريس الأمازيغية أو أن ما تريده الجهات المسؤولة هو ما طبقته وبالتالي إفشال هذا التدريس ...والاحتمال الأخير هو القريب من الصواب لأن الحركة الثقافية الامازيغية وجل المناضلين قد حددوا جوابا دقيقا وممنهجا لهذا السؤال منذ مدة وألحوا فقط في السنوات الأخيرة على ضرورة تجريب الامازيغية إذ ذاك نتحقق من ذلك .
لنعود من جديد لطرح نفس السؤال بعدما تم تجريب تدريس الأمازيغية وبشكل ارتجالي وعشوائي لأنه تم استبعاد أهل التخصص (كما يتم دائما في كل مشروع إصلاح ) والذين ناضلوا من اجل هذا الحق ولأن الأمر في فتح باب تدريس الامازيغية من ورائه خلفيات سياسية لا تريد لهذا المشروع الوطني الهام أن ينجح منذ البداية بل هو فقط شر لابد منه وبالتالي لابد من قولبته حسب ما يخدم مصالحهم .فإذا انطلقنا من الميثاق الوطني للتربية والتكوين وبالضبط من البند 115 نجد أن ما يقصدون بتدريس الأمازيغية هو فقط الاستئناس بها وان تكون خادمة مطيعة لشقيقتها العربية ، وبالتالي تعزيز مشروعهم الرامي إلى عوربة وتعريب المحيط وبالتالي تقزيم دور الأمازيغية كلغة وطنية ولغة هذا البلد الأولى قبل مجيء اللغة العربية والتي رحب بها الأمازيغ وأعطوها ما لم يعطيها العرب أنفسهم ، لكن حمى الاديولوجية والقومية العربية جعلت أصحاب القرارات الفوقية والأحزاب المسيطرة تنافق مطالب الحركة الأمازيغية ، فلماذا هذا التعامل الأجنبي مع لغة المنزل ولغة الشارع المغربي ؟ أم أن الأمر حان لكي تساهم الأمازيغية لتكريس الكراهية التي تعاني منها المدرسة العمومية ؟ وبالتالي ترويض المجتمع لخوصصة التعليم ؟ ويجب أن لا ننسى بان المدرسة معمل للتنشئة الاجتماعية لعدد كبير من الأطفال حيث أشار الميثاق إلى انه "يجب استحضار المجتمع في المدرسة والخروج إليه من خلالها " وليس معملا اقتصاديا يسعى الى تحقيق الربح المادي ، كما لا يمكن تعويض أية خسارة تحصدها المدرسة لأن أثرها سيبقى مدى الحياة لأنها فقط ليست مثل تلك الخسارة المادية التي يمكن تفاديها أو تعويضها عن طريق تدبير الموارد المالية والبشرية وكذلك المواد الأولية ... واذا كان ضروريا استحضار المجتمع داخل المدرسة وكذلك العمل على تفادي الخسارة فان تدريس الأمازيغية والتدريس بها كلغة أم وكلغة المجتمع توحي بحضور المجتمع داخل المدرسة بشكل مستمر بشكل معقلن ومدروس أصبح ضروريا ، فكيف نريد للطفل استحضار المجتمع داخل المدرسة والخروج إلى المجتمع من خلالها وهو يدرس بلغة غير لغته الأم ؟ ولأن اللغة هي مفتاح الفكر والإبداع فكيف نريد من طفلنا أن يبدع أو يفكر في وطنه وهو يحس بأنه غريب في وطنه , بل ما يزيد الأمور تعقيدا وما يجعل الطفل يصاب بعقد اجتماعية هو أن كل ما هو مؤسساتي وما هو رسمي في هذا البلد لا يجد فيه نفسه كأنه مهاجر إلى بلد غير بلده فكفانا من التغريب الذي سبب التخريب . وهنا أظن أن تدريس الامازيغية والتدريس بها أصبح ضروريا إذا كنا نهدف إلى مغربة المدرسة المغربية وبالتالي غرس روح الوطنية في نفوس المغاربة ، كما أن ضرورة العودة إلى الأصل ، والإصلاح ثم إنصاف الامازيغية في أوساط المجتمع أصبح من اللازم حاليا لتدارك كل الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الدولة بسبب سياسات لا وطنية مارستها الحكومات السابقة .
ولأن التعليم كان حقلا خصبا للتنشئة الاجتماعية فان كل سياسة تعليمية لا ترمي إلى غرس الروح الوطنية في الأطفال ستؤدي لا محالة إلى بناء مجتمع مستهلك غير منتج وبالتالي مجتمع سلبي في كل المجالات لأنه لا تنمية شاملة بدون تكوين فعال للموارد البشرية . وبالتالي هنا يصبح تدريس الامازيغية والتدريس بها أمرا ضروريا لعدة اعتبارات ودوافع منها على سبيل الذكر :
- ضرورة تدريس والتدريس بالامازيغية لكونها لغة لها مقومات ذاتية تجعلها لغة قائمة بذاتها ( التراكيب ، الصوت ، المعجم ، النحو والصرف ، الحرف ... ).
- ضرورة التدريس بالامازيغية باعتبارها اللغة الوطنية للمغاربة بامتياز ولها حمولة ثقافية وحضارية ، وهي كذلك حق وطني ودولي طبقا للاتفاقيات الدولية .
- ضرورة تدريسها تطبيقا لمبدأ الديمقراطية واحترام الغير وكذلك تلبية للطلب المتزايد عليها من لدن الراغبين في تعلمها ولكونها مفتاح كل ما يتعلق بالامازيغ في تمازغا ( شمال إفريقيا) .
- ضرورة تدريسها تفاديا للفوضى اللغوية والفشل التام للتعليم المغربي وفي سبل تحقيق تقوية التحصيل العلمي والاندماج الكلي في المغرب .
- ضرورة تدريس الامازيغية وذلك من أجل جعل المواطن المغربي يتمتع بجميع مقومات الشخصية المغربية .
ومن هنا فان إدخال الامازيغية في النسيج التعليمي ببلادنا تفرضه عدة اعتبارات منها ما هو حقوقي وما هو تاريخي وما هو إنساني وما هو هوياتي ...فمن الناحية الحقوقية فان جميع المواثيق والمعاهدات الدولية تنص على المساواة بين جميع اللغات والثقافات في العالم اجمع أي أن تتمتع بنفس الحقوق والامتيازات ، كما تنص هذه المواثيق على ضرورة التدريس بلغة الأم .أما من الجانب الهوياتي فلا أحد ينكر أن الامازيغية هي مكون أساسي من مكونات الهوية الوطنية المغربية والمغاربية بشكل عام ، أما من الناحية التاريخية فلا يخفى على أحد أن الامازيغية هي أقدم لغة عرفتها أرض شمال إفريقيا ، فهي لغة سكانها الأصليين ، وجدورها التاريخية مرتبطة بالإنسان الذي سكن هذه الأرض منذ أقدم العصور ، فبالامازيغية عبر سكان شمال إفريقيا عن آلمهم وعن فرحهم وعن إبداعاتهم عبر الفترات التاريخية الطويلة ومازالوا إلى يومنا هذا ، رغم كل التحديات والاجتياحات التي عرفتها المنطقة عبر الزمن من الرومان والفنقيين إلى العرب ، فقد صمدت ولم تنقرض بعد كما يسعون . ولهذا فتدريس الأمازيغية والتدريس بها أصبح ضرورة ملحة لضمان الأمن الثقافي واللغوي لعدد كبير من الأطفال .
كراض : الكفايات العامة والمنطلقات الفلسفية لأدماج الامازيغية في المنظومة التربوية
واذا كانت الامازيغية قد ولجت المدرسة المغربية خلال الموسمين الفارطين ، فان ادماجها مازالت تعتريه عدة نواقص مم جعل السنة الماضية سنة بيضاء على مستوى التدريس ، وتتمثل هذه النواقص بدءا في الاطار القانوني المحدد لها وهو ميثاق التربية والتكوين الذي اوكل لها وظيفة " الاستئناس" كما ان الاستعجال في البحث عن شرعية الفعالية قادت الى ادخال الامازيغية الى المنظومة التعليمية في غياب لغة امازيغية معيارية موحدة والمقررات الدراسية ومناهج للتدريس ، اضافة الى ضعف المكونين والمشرفين على العملية التعليمية وقصر مدة التكوين الخاصة لاساتذة الامازيغية . ان طابع الانتقاء في الخريطة المدرسية بالنسبة لمواقع التدريس وعدم اتسام تعلم الامازيغية بطابع العمومية والالزامية ، قد جعل اسباب الفشل تلازم هذه الخطوة منذ نشأتها الاولى ، كما يدعمها عدم وجود حماس داخل بيروقراطية الوزارة الوصية التي تتعامل مع هذا الملف وفق تفكير الشريك وليس المشرف او الوصي عن القطاع . هذا ما يبين بشكل عام عدم وجود نوايا صادقة لاصلاح المنظومة التربوية بشكل جدري وبالتالي تحقيق مدرسة وطنية يستحضر فيها الطفل المغربي ، امازيغيا كان او عربيا يهوديا او مسلما ، مجتمعه الذي انطلق منه ويحاول الخروج من خلال هذه المدرسة الى هذا المجتمع ...ولهذا وجب على كل اصلاح للتعليم ان يكون بمثابة ورش مفتوح على الخلق والتفكير والابداع وجعل المدرسة مجالا للتعدد الثقافي واللغوي مع ضرورة اعتماد اللغة الأم للاطفال ، وان تكون المدرسة كذلك فضاء للتربية على قيم التسامح والاخاء والمساواة واحترام الديانات والمعتقدات وترسيخ الوعي بالهوية وعدم احتقار الذات والانطلاق منها في كل عملية تتعلق بالوطن .
سموس : دور اللغة الأم في العمل التربوي .
ان التباعد بين لغة المدرسة ولغة المنزل يعتبر عائقا امام تعلم التلميذ ونمو فكره ، فمجرد انتقاله من مدرسته الأولى (البيت) ، والتي اكتسب فيها اشياء كثيرة بلغة امه ، الى المدرسة الثانية فيبدأ من جديد بلغة أخرى مخالفة تماما للأولى وهنا تكمن الصعوبة الكبرى للطفل ... فاللغة التي كان يتكلمها الطفل قبل سبع سنوات ساهمت في تشكيل فكره بكيفية لا يمكن للمدرسة ولغتها الجديدة ان تستغل جميع الاستعدادات لتقدمه الفكري ، وهذا كله ينعكس سلبا على عملية التدريس في الوقت الذي يظم القسم الواحد عناصر متفاوتة من حيث الإلمام بلغة التدريس . ذلك التفاوت الراجع الى اختلاف اللغة التي درج عليها الطفل منذ نعومة أظافره ، كما ان الطفل الذي لم يكن لديه المام كاف بلغة التدريس قبل ان يلتحق بالمدرسة يكون مطروحا عليه ان يبدل مجهودا مضاعفا مقارنة مع التلميذ العادي ، مجهود يتمثل في اعادة بناء رصيده اللغوي في فترة من عمره ، كما يتحتم عليه مواكبة مختلف المعارف التي تروج داخل القسم ... والانعكاس الواقعي لهذا الجانب هو ان الطفل المغربي ياتي من الاسرة وهو يتكلم بلغة غير العربية الفصحى وغالبا ما تكون هذه اللغة الامازيغية او الدارجة ، فيبقى الطفل امام هذه الرموز الجديدة وقتا طويلا ومع عدم توفر المدرسة المغربية على وسائط ديداكتيكية عصرية ، لا يستأنس التلميذ بالعربية الفصحى الا في السنوات الاخيرة من التعليم الابتدائي .كما ان جميع الدروس والمواضيع والمفاهيم التي تروج خلال هذه المرحلة تبقى غامضة وغير مفهومة لدى التلميذ مما يسبب له تعثرا وتأخرا دراسيا في السنوات الموالية ، وتراكم هذا الغموض مع مرور السنين قد يؤدي بالطفل الى الشارع . وهكذا تبقى اللغة الأم متمكنة من الطفل ولا يمكن له ان يفكر الا بها لأنها تترك اثارا لا يمكن ازالته .وهنا ياتي ضرورة التدريس بالامازيغية كلغة أم لعدد كبير من الاطفال ، في المرحلة الابتدائية عوض تدريسها الذي خلق ثقلا اكبر على الطفل المغربي . وتدريس الامازيغية كان من الاجدر ان يكون في المستويات العليا كالثانوي و في الجامعة وفي مراكز التكوين وذلك لدافعين اثنين : الاول لكون التلميذ له قدرة كاملة لفهم كل الرموز المرتبطة بهذه اللغة وثانيا لتوفير الموارد البشرية القادرة على تدريس اللغة الامازيغية مستقبلا في جميع اسلاك التعليم بما فيه الابتدائي .بمعنى ان ادماج الامازيغية في المنظومة التربوية بشكل جيد ، كان عليه من الأحسن ان يتخذ اتجاهين : الاول اعتماد الامازيغة (أي جميع اللهجات ) كلغة للتدريس في التعليم الابتدائي( اللغة الأم ) ، والثاني تدريس الأمازيغية لغة وثقافة في المستويات العليا ابتداءا من الثانوي.
سضيس : الكتاب المدرسي الأمازيغي.
يعتبر الكتاب المدرسي من بين الوسائط الديداكتيكية الاساسية بالنسبة لكل من المدرس والتلميذ ، لكون المدرس لا يستطيع ان يقول كل شيء وان يعرض كل التفاصيل والشروح ولا ان يكتب كل النصوص وكل الرسوم والخرائط والبيانات على السبورة ، كما ان الاختلاف الموجود بين المدرسين على مستوى التكوين والثقافة والشخصية قد يؤثر على الطريقة التي يبلغ بها كل مدرس دروسه ، ويؤثر أيضا على محتوى الدرس الملقى ، و من هنا تظهر اهمية الكتاب المدرسي حيث يعد مرجعا اساسيا يوفر الجهد والوقت ، ويحقق توحدا في المواد التعليمية ويعطي حظوظا متساوية لكل المتعلمين . اما التلميذ فانه يتمكن بفضل الكتاب المدرسي من المشاركة في بناء الدرس واعداده وذلك عن طريق التهيئ القبلي الذي يقوم به قبل حصة الدرس ، والذي من شأنه ان يقوي لديه الاعتماد على النفس وان يسهل على المدرس تأدية عمله التربوي داخل القسم .
ان الدور الذي يلعبه الكتاب المدرسي في العملية التعليمية التعلمية جعله يشكل قضية هامة على الساحة التربوية والتعليمية ، قضية تهم كل من له اتصال بهذا الميدان من المراقبين التربويين والاساتذة والتلاميذ والاباء ، قضية تدور حول فكرة اساسية وهامة تتلخص في سؤال جوهري واحد وهو : كيف يجب ان يكون هذا الكتاب المدرسي حتى يؤدي دوره التربوي على الوجه الأكمل ؟ وعن هذا السؤال تتفرع أسئلة صغيرة أخرى منها : كيف نختار مضامين هذا الكتاب ؟ وعلى أي اساس ؟ ماهي الشروط التي يجب توفرها في هذا الكتاب المدرسي ؟ وماهي الشروط التي يجب توفرها في مؤلفه ؟
لقد عرف إدماج الامازيغية في المدرسة المغربية صدور أول كتاب مدرسي بتيفناغ لتدريسها في السنة الأولى ابتدائي من التعليم العمومي يحمل عنوان " تيفاوين أ تمازيغت"والذي يعني صباح الخير يا تمازيغت او تحية لتمازيغت ، وكان هذا الكتاب من إصدار وزارة التربية الوطنية والشباب بتعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية . ويتكون من حوالي مئة صفحة موزعة على اثنى عشر وحدة ديداكتيكية (تجزومتtagzzumt) ويستغرق انجاز كل وحدة اسبوعين وتنتهي كل وحدة ديداكتيكية بتقويم(تيدوستtaydust) ، كما يحتوي الكتاب على حصص للدعم(تيفوتtayfut) في نهاية كل ثلاث وحدات . اما المقاربة المعتمدة فهي بيداغوجية الكفايات التي نص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين والكتاب الابيض ، ويتضمن كتاب "تفاوين أ تمازيغت" الكفايات الممتدة الخمس الاساسية التي سطرت في المناهج الجديدة الخاصة بالتعليم الابتدائي ...
ورغم ان الكتاب المدرسي الامازيغي "تيفاوين أ تمازيغت" حاول احترام المستجدات التربوية المعتمدة في المدرسة المغربية فانه يتسم بالكم اكثر من الكيف وخاصة انه التجربة الاولى وكذلك ان الحروف المعتمدة "تيفناغ " تبدو للطفل صعبة كما ان الحيز الزمني المخصص للامازيغية يبقى غير كافي لتقديم كل الوحدات ، زد على ذلك ان المدرسين المكلفين بتدريسها وجدوا انفسهم صعوبات لفك رموز تيفناغ والمعجم المعتمد في الكتاب من كلمات جديدة وغير متداولة لدى العامة ...
ولأن عملية تأليف الكتاب المدرسي عملية جد صعبة تتطلب دراسات كثيرة وابحاثا عميقة تتطلب وقتا طويلا وتفرغا كافيا من طرف المشرفين عليها ، فهي ليست انتقاء عفويا وتبويبا وتصنيفا لمجموعة من النصوص ، بل هي عملية تخضع لتهيئ وتخطيط مسبق حيث تختار مضامين الكتب المدرسية بشكل يمكنها من تحقيق الأهداف المرسومة بشكل تطبيقي مراعيا بيئة الطفل المغربي وليس فئة معينة فقط . كما ان مؤلف الكتاب المدرسي لا يخضع لميولاته ورغباته ، كما هو الشأن بالنسبة للمؤلف في أي إبداع أدبي او فكري ، بل انه مقيد بمجموعة من الشروط يجب توفرها في ذلك الكتاب .
سا : خاتمة .
ان عملية ادماج الامازيغية في المدرسة المغربية كانت مبادرة تاريخية يتبين من خلالها مدى رغبة المغرب بشكل عام ،انخراطه في مسلسل المصالحة مع ذاته وبالتالي بدأ فعلا يحاول الانطلاقة من نفسه . لكن مازالت حمى السياسات الماضية تعرقل سير هذا المسلسل الديمقراطي ، وهذا ما يجعل كل المحاولات الاصلاحية على جميع الاصعدة يكتنفها نوع من الغموض ...فتدريس الامازيغية مسؤولية وطنية على الجميع ان يتعبأ لانجاحه ، لأن بفضلها يمكن لنا تكوين عدد كبير من الاطفال وتصحيح التغريب الذي تعاني منه الشخصية المغربية سعيا لتنمية بشرية واعدة يمكن الاعتماد عليها في بناء هذا الوطن العزيز والذي مازال الفرد داخله لا يحس بدوره ولا بهويته ولا بانتمائه الحقيقي هل الى الشرق ام الى اوروبا ام الى شمال افريقيا ؟ هذا الفرد المغربي الذي يعرف عن فلسطين وعن شبه الجزيرة العربية وعن تاريخ الامم الاخرى اكثر ما يعرف عن بلده ...الفرد الذي لا يعرف نصف جسده ولا يعتز بوطنه فكفانا تغريبا وتخريبا فالتاريخ لا يرحم د \ امحمد عليلوش (iyider النقوب).